يجب على المُسلم أن يتوضّأ عند أداء عبادةِ الصَّلاةِ، بدليل حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (لا يَقبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحدِكم إذا أحدَثَ حتى يتوَضَّأَ)، وكذلك للطَّواف بالبيتِ الحرامِ باتِّفاق العلماء، وتعدّدت آراؤهم في حُكم الوضوء لمسِّ المصحف، ويختلف حكم الوضوء باختلاف العبادة التي يريد المُسلم القيامَ بها، فمرةً يكون الوضوء واجباً، ومرةً يكون الوضوء مندوباً، ومرةً يكون الوضوء مكروهاً، وفي غيرها قد يكون الوضوء مُحرَّماً. وفيما يأتي في المقال بيان وتفصيل ذلك.
فُرِضَ الوضوء قبل الهجرة النبويّة بسنَةٍ، وكان فرضهُ مع الصَّلاة، وذهب ابن الجهم إلى أنَّ الوضوء كان في بداية الإسلام سُنَّةً، ثُمّ فُرِضَ في آية التَّيَمُّم، وقال إنّ آية الوضوء نزلت لبيان الوضوء، وجواز التَّيمُّم ورُخصتهِ، فكانت بياناً بتحويل الوضوء من سُنةٍ إلى فرضٍ، ويرى الجُمهور أنّه كان فرضاً من بداية أمره، لفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، كما أنّ آيةُ الوضوء نزلت لبيان التَّيمُّم، فلذلك سُمّيت آيةُ التَّيمُّم ولم تُسمّى آية الوضوء.
كما قال جمهور الفُقهاء إنّهُ فُرِض في مكة مع فرض الصَّلاة، فلا يُعقل صلاةُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- قبل ذلك أن تكون بلا وُضوءٍ، كما ذهب الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، وبعضُ الشافعيّة إلى أنّ الوضوء كان في شريعةِ من قبلنا، وهو شرعٌ لنا في حال لم يُنسخ أو يأتي حُكمٌ يُخالفه، وجاء عن ابن حجر أنّ الوضوء ليس من خصائص أُمّة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، بدليل ورودهِ في بعض القصص السّابقة؛ كقصةِ هاجر، وجُريج، وإنّما فُضِّلت أمّة محمّد -صلى الله عليه وسلم- بمجيئ أفرادها يوم القيامة غُرّاً* مُحجّلين* من آثار الوضوء.