إنّ من رحمة الله -تعالى- بالإنسان أن جعل باب التّوبة مفتوحاً له طول العمر وفي كلّ وقت ومتى ينوي الإنسان ذلك، ونفس الإنسان جُبلت على شهوات ورغبات قد تحيد به عن الطريق الصحيح؛ لذلك فإنّ الله -تعالى- أوجب التوبة على الإنسان ورغّبه بها، حتى لا ييأس الإنسان ويقنط ويظنّ أن لا ملجأ إلى الله أن لا سبيل للرجوع إذا وقع في الذنب أو تمادى به؛ حيث قال الله تعالى مؤمّلاً أهل المعاصي والذنوب وأهل الإكثار منها: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فكان ذلك نداء من الله -عزّ وجلّ- لأهل المعاصي والمحرّمات أيّاً كان شكلها أن يُقبلوا على الله -تعالى- بالتوبة والاستغفار؛ حيث إنّ الله -تعالى- شَمِل التائبين برحمته ومغفرته، وورد في الأحاديث النبويّة كذلك ما يبشّر بشمول توبة الله -تعالى- لمن يتوب، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصحيح: (لو أنَّ ابنَ آدَمَ أُعْطيَ وادياً مَلئاً مِن ذهَبٍ أحَبَّ إليهِ ثانياً، ولو أُعْطيَ ثانياً أحَبَّ إليهِ ثالِثاً، ولا يَسُدُّ جَوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، ويَُتوبُ اللُّه علَى مَن تابَ).