أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، وفي هذا الزمان ومع انتشار الفتن، أصبح لا بدّ للإنسان من معرفة نعمة الهداية من الله عليه، وتوفيقه له بأن رزقه الثبات عليها، والسير على الطرق المؤدّية إلى الهداية لهي من أعظم النعم التي أنعمها الله -تعالى- على عباده، فترى كثيراً من الناس يتمنون السير على هذا الطريق، إلا أن العوائق تحول بينهم وبين الوصول إلى ما يريدون، ولا يكون الوصول إلا بتوفيق الله لهم، فالهداية في أولها تكون بيان للحق ودلالة إليه، ثم إذا حققها الإنسان تأتي بعدها هداية التوفيق من الله تعالى، والله أنعم علينا بهداية الدلالة عن طريق إرسال الرسل ودعوتهم إلى طريق الحق، ثم يأتي بعد هذه الهداية أنواع كثيرة أوصلها ابن القيم في كتابه مدارج السالكين إلى عشر مراتب.
يكون التقرّب إلى الله -تعالى- باتّباع أوامره واجتناب نواهيه، ومن أعظم ما يتقرب به الإنسان إلى خالقه -سبحانه وتعالى- توحيده وعدم الإشراك به، ثُمّ القيام بالفرائض والواجبات، والبُعد عن المُحرّمات، ثُمّ القيام بالنوافل والمُحافظة عليها؛ فالمُحرّمات تجعل من قلب الإنسان قاسياً ولا يشعر بلذّة الطاعة وآثارها على نفسه، قال -تعالى-: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، وبالتوبة والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة تزول هذه القساوة من القلب وتجعله يذوق حلاوة الإيمان.