تميّز تفسير ابن كثير للقرآن الكريم بعددٍ من الخصائص؛ منها إعطاء اللغة العربية مكانةً متقدمةً في منهجه، وجعلها إحدى مصادر التفسير، واتّباعه لعقيدة السّلف فيما يخص الآيات المتعلّقة بالعقيدة، وقد اهتمّ بذكر أسانيد الأحاديث التي يُوردها، بالإضافة إلى تصحيح أو تضعيف أو ترجيح بعضها، وهذه إحدى أهمّ مميّزات تفسيره، ويعتبر تفسيره من أصحّ كتب التفسير، وقد أورَد فيه أسباب النزول، واعتنى بذكر القراءات، وابتعد عن الحشو والإطناب والإطالة في الشرح، ولم يُكثر من الدخول في المباحث اللّغوية؛ كالنحو، والصرف، والبلاغة.
وكان ابن كثير يعرض أقوال المفسّرين ويناقشها ويرجّح بينها، كما كان يعرض خلال تفسيره الأحكام الأصوليّة والفقهيّة، ويُبيّن أقوال الفقهاء واختلافهم في المسألة الواحدة، ويذكر أدلّتهم، ويمتاز تفسيره أيضاً بسهولة العبارة والعرض البسيط القريب من أفهام الناس، حيث لا يُعقّد تفسير المسألة، بل يذكر معناها الإجمالي، ويُكثر من النقولات عن العلماء من السّلف مع ذكر اسم القائل، وهذا من ميّزات تفسيره كونه يوثّق كلّ قولٍ يُورده وينسبه إلى صاحبه، وقد جمع بين تمام المعنى وإيجاز العبارة، وبين القوة والجودة، كما كان ينبّه في كتابه من كَوْن التفسير بالمأثور قد يحتوي على رواياتٍ إسرائيليّة منكرة.
هو العالم المسلم، والفقيه، والمفتي، والمحدث، والمفسر، والمؤرخ، والحافظ، والمشارك في اللغة، والناظم أبو الفداء عماد الدين إسماعيل ابن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع القرشي، والذي ولد عام 701 هـ في قرية مجدل التابعة لبصرة الشام من منطقة درعا الواقعة في جنوب دمشق، وكان ابناً لخطيب مسجد بمدينة بصرى، الشيخ عمر بن كثير، وتعود أصوله إلى البصرة التي هاجر منها إلى بلاد الشام.
ابن كثير هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع القرشي البصروي الدمشقي، ابن الخطيب الشيخ شهاب الدين أبي حفص عمر بن كثير، ويُلقَّب ابن كثير بعماد الدين، ويُكنّى بأبي الفداء، وُلِد في عام 701هـ، في قرية بُصرى شرقيّ دمشق، وتفقّه على يد مجموعة من الشيوخ، منهم: أبو الحجاج المزي، وشمس الدين الذهبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتتلمذ على يده الحافظ زين الدين العراقي، وولده أبو زرعة العراقي، وابن الجزري المُقرئ، كما كان مُهتمّاً بعلم التفسير، والتاريخ، والقراءات، وغيرها من العلوم؛ فكان له في كلّ بحر من بحور العلوم الإسلاميّة مُصنَّفاً أو أكثر.