تتعدّد آراء العلماء في الشُّروط الواجبة لسجدة الشُّكر، فمنهم من يرى أنّ ما يُشترط لسجدة التِّلاوة هو ذاته ما يُشترط لسجدة الشُّكر؛ أي أنَّها تَفتقر إلى طهارةٍ، واستقبال للقِبلةٍ، وسترٍ للعَورة، وإباحةٍ للوقت، بينما لم يوجب البعض الآخر من العُلماء ذلك في سجدة الشُّكر، بل أجازها دون اشتراط ذلك وصحَّحها على أيَّة حالٍ يُؤتى بها.
يكون سجود الشكر بأداء سجدة واحدة لا سجدتين كما في الصلاة، وتكون من دون ركوع ولا غيره من أركان الصلاة، بحيث لا تكون هذه السجدة داخلة في سجدات إحدى الصلوات التي يؤدّيها المصلي، وإنما تكون من السجدات التي هي خارج الصلاة، وتكون هذه السجدة من دون تكبير ولا تسليم، وإنما هي مجرد السجود فحسب.
من رحمة الله -عزّ وجلّ- بالمسلمين أن شرع لهم كثيراً من العبادات والأفعال التي من الممكن أن تُفعل تقرّباً إليه، ومن هذه العبادات التي شُرعت سجود الشكر، ويشكر الإنسان الله -تعالى- إذا حدثتٌ له نعمةٌ، أو اندفع عنه شرٌّ كاد يصيبه، ودليل ذلك قول الله عزّ وجلّ: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)، ففي شكر الإنسان لله -تعالى- حياةٌ لقلبه وروحه، وزيادةٌ لإيمانه، وزيادةٌ للنعم في حياته، وشكر الإنسان لله -تعالى- يتمثّل بأن يعترف الإنسان أنّ النعمة التي حصلت له، أو البلاء الذي اندفع عنه، هو من الله -تعالى- وبإرادته، ومن لم يشكر الله -تعالى- ويعترف بفضل الله عليه، فإنّ النعم تُسلب من الإنسان جزاء جحوده بها.
إنّ سجود الشكر سجودٌ وليس صلاة كما يعتقد البعض، أمّا عن كيفيّة سجود الشّكر فهي سجدةٌ واحدةٌ يؤدّيها المسلم، يحمد ويشكر الله فيها على النعمة التي وهبها الله -تعالى- له، أو البلاء الذي دفعه الله -تعالى- عنه، ويقول في السجود: (سبحان ربيّ الأعلى)، ولو مرّةً على الأقل، أمّا لو كررّها ثلاثاً، أو خمساً فذلك أفضل، ويقول أيضاً: (اللهمّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره، وشقّ سمعه وبصره، بحوله وقوّته تبارك الله أحسن الخالقين)، وسجود الشكر كسجود التلاوة؛ لا يلزم للمسلم أن يفعل فيه كما يفعل في الصلاة، ولا أن يحقّق شروط الصلاة؛ من استقبال القبلة، والطهارة، وستر العورة، فهذه ليست شروطٌ واجبةٌ لسجود الشكر، فإذا أراد المسلم أن يسجد سجدة شكرٍ، فيسجد دون تكبيرٍ، فالتكبير ليس مشروعاً في سجود الشكر، وإذا كان المسلم جالساً ويريد أن يسجد سجدة شكرٍ، فيخرّ ساجداً دون العودة إلى القيام مرّةً أخرى ثمّ السجود، فلا يشترط القيام للإتيان بسجود الشكر، ثمّ إذا انتهى من السجود فلا يسلّم.