إنّ اللّقب العظيم الذي لُقِبّت به سورة يس هو قلبُ القرآن، وما قلبُ أيّ شيءٍ إلّا لُبّه وخُلاصتِه ومكنونه الأساسيّ، فسورة يس هي لُبّ القرآن وخالصِه، كما أن ذِكْر الحياة والموت موجودٌ فيها، ويُحتمل أن تكون لصفةٍ فيها؛ وهي أنّها تُقرأ على الموتى لِتُخفّف عنهم، وورد أيضاً في تفسير ذلك أنّها بمثابةِ القلبِ من الجسد، وقد جاء ذكر لقبها بحديثٍ ضعيف مشهور بين الناس، فقد رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ لِكُلِّ شيءٍ قَلبًا وقلبُ القرآنِ يَس)، والسببُ المباشر في تلقيبها بقلبِ القرآن؛ هو أنّه لو كان بالإمكان أن يكون للقرآن قلباً لكانت سورة يس؛ فهي موطنُ الاعتقاداتِ كُلّها ومستودعه؛ لِما فيها من ذكر أحداث القيامة؛ كالبعث، والحشر، والجزاء، والجنّة، والنّار، وفيها ما ليس في غيرها من السّور، وفيها ذكر الأحوال للأجرام العلويّة، والعِظات البليغة، والحِكم والأمثال العظيمة، وعلى الرغم من قلّة آياتِها، وقصرعدد صفحاتِها؛ إلّا أنّها اشتملت على كُلّ معنى من معاني القَصص في القرآن الكريم، وتضمّنت ذكر التوحيد، والأوامر والنواهي، وسرد قَصص فريقَيْ الإيمان والكفر، وفيها ذِكر العقائد والأحكام، والرقائق والآداب، وذِكرٌ للدنيا والآخرة.
يذكر أهل العلم أنّ جلّ ما جاء من أحاديثٍ نبويّةٍ تذكر فضائل سورة يس؛ ما هي إلّا أحاديث موضوعةٌ ومكذوبةٌ على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك فهي لا تصحّ، ولا يعمل بها، باستثناء الحديث الصحيح عن النبيّ -عليه السلام- الذي قال فيه: (مَن قرَأ يس في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ غُفِر له)، ووصيّة النبيّ -عليه السلام- أن تُقرأ سورة يس على الأموات، وذلك بقوله: ( اقرَؤوا على موتاكم يس)، ولقد ذكر ابن كثير أنّ من فضائل سورة يس أنّها ما قُرأت على عسيرٍ إلّا يسّره الله، ولذلك جاءت الوصيّة بقراءتها عند الميت؛ بُغية تنزّل الرحمات عليه بإذن الله تعالى.