إنّ القول الراجح في صفة سجود الشكر أنّه لا يجب فيه تكبير في أوّله، أو في آخره، أو تشهّد، أو سلام، وهذا هو رأي الإمام الشافعي، وقول الإمام أحمد في روايةٍ عنه، وهو وجه في مذهب الشافعية؛ لأنّه لم يثبت عن النبي أو عن أحد من أصحابه، كما ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى القول بأنّه لا يُشرع في هذا السجود تشهدّ أو سلام، فقال: (إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يُسمِّ ذلك صلاة يقصد به سجود الشكر، ولم يشرع لها الاصطفاف، وتقدُّم الإمام كما يُشرع في صلاة الجنازة، وسجدتي السهو بعد السلام، وسائر الصلوات. ولا سنَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم سلاماً، لم يُروَ ذلك عنه، لا بإسنادٍ صحيح ولا ضعيف، بل هو بدعة، ولا جعل لها تكبير افتتاح)، وجاء عن الإمام أحمد بن حنبل، وغيره من العلماء أنّهم كانوا لا يعرفون فيه التسليم، وأحمد في إحدى الروايتين عنه لا يسلِّم فيه؛ لعدم ورود الأثر بذلك، وفي الرواية الأخرى يسلِّم واحدة أو اثنتين، ولم يثبت ذلك بنصٍّ بل بالقياس، وكذلك حال من رأى فيه تسليماً من الفقهاء ليس معه نصٌّ، بل القياس أو قول بعض التابعين لذلك ضعّف العلماء هذا الرأي،أما فيما يُقال في السجود فلم يرد فيه ذِكْرٌ معيَّن، فيشرع للساجد أن يقول في سجوده ما يناسب المقام، من حمد الله وشكره ودعائه واستغفاره، ونحو ذلك.
سجدة الشكر مثل سجود الصلاة يسجد فيها المسلم مرّة واحدة، ولا يُكبّر المسلم تكبيرة الصلاة قبلها، ويحمد فيها الله تعالى ويشكره على النعمة التي منحه الله إياها، وهذا السجود ليس له شروط؛ فلا يُشترط التوجّه للقبلة ولا الوضوء وإن كان من الأفضل أن يكون المسلم متوضئاً ومتّجهاً للقبلة بحسب أقوال بعض العلماء.
الشّكر في اللغة هو عِرفان النّعمة وإظهارها وثناء الله -تعالى- عليها، وفي الاصطلاح يعني الاعتراف بفَضْل الله -تعالى- والثّناء عليه، وقيل: هو صَرْف جميع ما أنعم الله -تعالى- به على الإنسان إلى ما خُلِق لأجله، أمّا سجدة الشّكر فهي السّجود الذي يؤدّيه المسلم عند حدوث خير ما أو عند انصراف همّ شُكراً وحمداً لله تعالى، ويكون بأداء سجدة واحدة كسجود الصّلاة المفروضة.