يُقصَد بضبط النَّفس عن الشهوات: قدرة النَّفس على التّحكُّم بقوَّة الشَّهوة والمحافظة على التوسط والاعتدال فيها، حيث لا تميل إلى الإفراط والفجور حتى الشَّراهة، ولا إلى التفريط حتى الجمود، بل تكتفي النَّفس وتقتصر على القدر الذي يقيم الجسد ويحفظ عليه صحَّته، على أن يكون ذلك بما يرضي الله -تعالى- ووِفق أحكامه وشرعه، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يقتصَر ضبط النَّفس وتوازنها في القوَّة الشهوية فحسب بل في كافّة الملذَّات والرغبات، لذا قال الله -تعالى-: (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)، والهوى: هو كلُّ ما قد تميل إليه النَّفس من الحرام والمعاصي والمآثم التي تغضب الله -تعالى- منها ولا يرضى عنها، والله -سبحانه- جعل أجر وثواب من تمكّن من ضبط نفسه وزجرها عن ذلك الجنّة والفوز بها لقوله -تعالى-: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).
يصارع الإنسان خلال مراحل حياته المختلفة بعض الشهوات الإنسانية، ولا شك أنّ كبح جماح هذه الشهوات يشكل تحدٍ للإنسان الذي يطمح إلى المثالية والكمال في حياته، لذا جاءت الشرائع السماوية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على أنبيائه لتهذب النفس الإنسانية، وتحصينها من الوقوع في الفواحش والذنوب، ومن بين تلك الشرائع الشريعة الإسلامية الخاتمة التي وضعت منهجاً كاملاً شاملاً لجميع جوانب الحياة الإنسانية ومنها الجانب الأخلاقي.