لا تجوزُ الصلاةُ المكتوبة على الدّابةِ ومثله في السيارةِ إلّا لِعُذر، فعن جابرِ بنِ عبد الله -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي علَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ المَشْرِقِ، فَإِذَا أرَادَ أنْ يُصَلِّيَ المَكْتُوبَةَ نَزَلَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ)، ونقلَ ابنُ البطَّال الإجماعَ على ذلك؛ لأنَّ من شُروطِ صلاة الفرض استقبالَ القبلة، والاستقرار في جميعها، فأمّا الراكبُ فيكون مُخلّ بهذه الشروط فلا يجوز له الصلاة عندئذٍ. فيُشترط في صلاةِ الفريضةِ استقبالُ القبلة، فلا يجوزُ الصلاةَ إلى غيرِ جهتِها إلّا في حالِ الخوفِ الشديدِ، فهي بذلك لا تصحُّ من الماشي أو الراكب؛ لاختلال شرطِ القيام في الصلاةِ حينئذٍ، وشرط استقبال القبلةِ كذلك.
وقد وضّحَ الفقهاءُ الأعذار التي تُجيز الصلاة على الدّابةِ أو السيارةِ، ففي حالةِ الخوفِ الشديد؛ كالخوفِ على النفسِ أو المالِ من عدوٍّ أو سَبع، أو خوف الانقطاع عن الصحبةِ، أو التأذّي بالمطرِ، فيجوز أن تُصلّى الصلاة في هذهِ الحالات الصلاة المفروضة في السيارةِ أو على الدّابةِ، وتكون بالإيماءِ فقط من غيرِ رُكوعٍ أو سُجودٍ، وجاءَ عن ابن قُدامة أنَّه إذا اشتدَّ الخوف فيحاول المصلّي استقبالَ القبلة إن أمكنهُ ذلك، وإن لم يُمكنه فإلى غيرها، وإن لم يستطع الركوع والسجود فيومِئ بالسُجودِ أكثر من الرُكوعِ، ويسقط عنه القيام والقُعود إن عجزَ عنهما، لِقوله -تعالى-: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا)، وقد ذهبَ الجمهورُ إلى صِحّة الصلاة المفروضة على الراحلةِ إذا تمكّن المصلّي من استقبالِ القبلة، والاستقرار في جميعها، والإتيان بشروطها وأركانها، وقيّد الشافعية هذا الجواز بأن تكون الراحلة واقفة، ويدخل في حُكمِ الدّابة السيارة، والسفينة، والطائرة، وأي شيء يركبُه الإنسان، بشرطِ ضيق المكان وعدم القدرة على الصلاةِ فيه مُستقبلاً القِبلة.