أنزل الله -عزَّ وجلَّ- سورة الفلق لتكون شفاءً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من السحر الذي قام بفعله لبيد بن الأعصم للنبيِّ،مع ضرورة التنبيه إلى أنَّ بعض أهل العلم قالوا بعدم صحة هذا القول.
سورة الفلق سورةٌ مكيّةٌ عدد آياتها خمس، وترتيبها هو قبل الأخير في القرآن الكريم، وهي من السّور الّتي تُسمّى بالمعوّذات؛ لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يقرؤها كلّ ليلة مع سورة النّاس، تاركاً غيرها من التّعاويذ ليكفيه من كلّ شر، ولحماية وتحصين نفسه من أيّ أذىً أو سحر.
نزلت سورة الفلق على الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قبل هجرته إلى المدينة المنوّرة، عندما حاول يهوديٌّ يدعى لبيد بن الأعصم سحر النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وعندما دعى أهل قريش إلى أذيّة الرّسول بسحره، فأنزل الله تعالى هذه السّورة لحماية الرّسول من سحرهم، وقد حماه بالفعل وشفاه.
اقتضت حكمة الله -تعالى- نزول القرآن الكريم مفرّقاً لتثبيت فؤاد النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة رضي الله عنهم، وتحدّي المشركين وإعجازهم، بالإضافة إلى التدرّج في التشريع الإسلامي، من خلال نزول القرآن الكريم مع كل حدث وكل مناسبة معلماً، ومرشداً، ومشرّعاً للأحكام، وقد اعتنى العلماء بدراسة الأحداث والمناسبات التي نزلت بشأنها آيات القرآن الكريم، وعُرف هذا العلم بأسباب النزول، وقد خصّصوا لهذا العلم العظيم العديد من المؤلّفات، ومن أشهرها كتاب أسباب النزول للواحدي، ولباب النقول في أسباب النزول للسيوطي، واعتمدوا في معرفة أسباب النزول على صحة الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة -رضي الله عنهم- الذين عايشوا التنزيل ووقفوا على الأسباب.