وإنّ فضل القيام بلا شكّ هو فضلٌ كبير عظيم، فقيام اللّيل هو دأب الصّالحين والأولياء من قبل، وهو عنوان المسلم وشرفه، وهو سببٌ لدخول الجنّة ونيل رضوان الله تعالى، وقيام اللّيل هو أفضل الصّلاة بعد الفريضة. أمّا القيام في ليلة الجمعة وفضله فلم يثبت عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أن اختص هذه اللّيلة بذكر فضل قيامها، بل إنّ الأحاديث التي صحّت عن النّبي الكريم تدلّ على كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام، أو تخصيص ليلته بقيام، ففي الحديث الشّريف (لا تخْتَصُّوا ليلةَ الجمعةِ بقيامٍ من بينِ الليالِي، ولا تَخْتَصُّوا يومَ الجُمعةِ بِصيامٍ من بينِ الأيَّامِ، إلَّا أنْ يكونَ في صوْمٍ يَصومُهُ أحدُكُمْ)، وهذا الحديث يدلّ دلالةً قاطعة على أن تخصيص ليلة الجمعة دون غيرها من اللّيالي بالقيام هو أمرٌ مكروه غير محبّب، إلاّ أن يكون القيام في جميع اللّيالي هو من عادة المسلم ومن بينه ليلة الجمعة. وأمّا ما يمكن أن نستنتجه من فضل يوم ليلة الجمعة أنّ هذه اللّيلة هي جزءٌ من هذا اليوم المبارك الذي يستحبّ فيه الذّكر والدّعاء والصّلاة على النّبي عليه الصّلاة والسّلام، وقراءة سورة الكهف التي تضيء للمسلم النّور ما بين الجمعتين.
لا يوجد اي أذكار مشروعة مخصّصة لليلة الجمعة، غير أنّه قد ورد الأمر بالإكثار من الصّلاة على النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في ليلة الجمعة، بالإضافة إلى قراءة سورة الكهف، وقراءة سورة الكهف في يوم الجمعة أو ليلتها أمر مستحبّ، وقد قال في فتح القدير:" يندب قراءتها يوم الجمعة، وكذا ليلتها، كما نصّ عليه الشّافعي، وقد أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في السّنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين "، وفي رواية عند الحاكم أنّه - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آياتٍ من آخرها ثمّ خرج الدّجال لم يسلط عليه... ".