إنّ الغسل بعد الجنابة فرضٌ بإجماع المسلمين، حيث قال الله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ)،[١] فلا يحلّ لمسلمٍ أن يترك غسل الجنابة بحالٍ أبداً، وقد ورد وعيدٌ شديدٌ في حقّ من قصّر في إيصال الماء إلى أصول شعره وأجزاء بدنه في غسل الجنابة، فلا شكّ أنّ تركه بالكليّة أعظم، ثمّ إنّ تارك غسل الجنابة إمّا أن يكون تاركاً للصلاة أيضاً؛ فيكون حينها مرتكباً لكبيرةٍ من الكبائر، وخارجاً بذلك عن الملّة عند كثيرٍ من العلماء، وإمّا أنّه يصلي على جنابةٍ؛ وهو بذلك مرتكبٌ لكبيرةٍ من الكبائر أيضاً، وخارجاً من الملّة عند الحنفيّة الذين يرون كفر من أدّى الصلاة بغير طهارةٍ متعمّداً ذلك.
ذكر العلماء صور الجنابة التي توجب الغسل ومنها: الجماع حتى لو لم يتم إنزال المني، ودليل ذلك من السنّة النبويّة قوله عليه الصلاة والسلام: (إِذَا جَلَس بَيْن شُعَبِها الْأَربَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ)، وقد بيّن الإمام النووي عند حديثه عن معاني الحديث أن الغسل يتوجب على الرجل والمرأة بمجرد إدخال الحشفة في الفرج، وقد نُقل الإجماع على هذه المسألة.