المجال لحصرها، ولم يرد دليل ثابت في ما يتعلّق بترتيبها، إذ إنّ كلّ ما ورد في كتب أهل العلم إنّما هو اجتهاد في ترتيبها حسب ما وجدوه أكثر وضوحاً لديهم، أو بحسب واقع الحال وما اقتضته الحوادث بتقديم إحدى العلامات على غيرها. لا بُدّ من معرفة معنى علامات الساعة قبل الخوض في علامات الساعة الصغرى وترتيبها؛ فهي تُعرَّف في اللغة بأنّها: سِمَةٌ أو شعار أو أمارة تُعرَف بها الأشياء، وجمعها علامات،[١] أمّا في الاصطلاح فهي: الأمارات التي تسبق قيام الساعة، وتكون من النوع الاعتيادي للناس، كشرب الخمر والجهل ونحو ذلك، ومنها ما يكون قبل علامات الساعة الكبرى، ومنها ما يكون مصاحباً لها، ومنها ما يكون بعد ظهور بعض تلك العلامات.[٢] وتُعدّ علامات الساعة الكبرى الأقرب إلى قيام الساعة، بخِلاف علامات الساعة الصغرى فهي أبعد من العلامات الكبرى، ثمّ إنّ علامات الساعة الكبرى لها أثر كوني كبير يشعر به الناس جميعاً بلا استثناء، بخلاف علامات الساعة الصغرى التي قد تحصل في مكان دون آخر، ولأناس دون أناس،[٣] وممّا ينبغي التطرّق إلى ذِكره أنّ علامات الساعة الصغرى كثيرة جداً يضيق المجال لحصرها، ولم يرد دليل ثابت في ما يتعلّق بترتيبها، إذ إنّ كلّ ما ورد في كتب أهل العلم إنّما هو اجتهاد في ترتيبها حسب ما وجدوه أكثر وضوحاً لديهم، أو بحسب واقع الحال وما اقتضته الحوادث بتقديم إحدى العلامات على غيرها.[٤] ويمكن تقسيم علامات الساعة الصُّغرى إلى أقسام؛ قسمٌ للعلامات التي لم تظهر بعد، وقسمٌ وقع وحصل، وقد يكون مُتكرّر الوقوع، بحيث إنّه قد يتكرّر في المستقبل، وقسم تدريجيّ الظهور؛ بمعنى أنّه وقع وما زال مستمرّاً بالظهور.[٥] العلامات الصغرى التي ظهرت وانقضت بعثة النبي محمد وموته فلما بُعث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، دلّ ذلك على اقتراب الساعة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرُنُ بيْنَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى)[٦] كما دلّ على اقتراب الساعة موته -عليه السلام- فقد قال: (اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي).[٧][٨] معجزة انشقاق القمر في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- انشقّ القمر بمعجزة لم يشهد لها العرب مثيلاً، وقد ذُكر ذلك في القرآن في قوله -تعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)،[٩] وفي حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (بيْنَما نَحْنُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بمِنًى إذَا انْفَلَقَ القَمَرُ فِلْقَتَيْنِ، فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اشْهَدُوا)[١٠][٨] فتح بيت المقدس قد قال عوف بن مالك الأشجعي -رضي