كتاب أبي الذي أكره تأليف عماد رشاد عثمان ..
بمجرد أن يصادفك عنوانه على أحد أرفف المكتبات ستعرف أنه كتاب شائك جدًا، يواجهك بصدامية مع نتائج حجم هائل من المشكلات العائلية والإساءات، التي تقابلها يوميًا في أشخاص تتعامل معهم، مما يساعدك على تفهم وتحليل ما يدور حولك، أو فهم نفسك بالأساس.
كتاب “ أبي الذي أكره : تأملات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة” كتاب صادم من عنوانه، يناقش مشكلات الأبناء الذين يعانون بسبب الآباء،
وهو من تأليف الطبيب والكاتب المصري “عماد رشاد عثمان”، وهو باحث ملتحق بدرجة ماجستير أمراض المخ والأعصاب والطب النفسي، وله كتاب بعنوان “أحببت وغدًا” ويدور حول مفهوم العلاقات المؤذية والسامة، كما له رواية وحيدة بعنوان “اقتحام”
يقول الكاتب “عماد رشاد عثمان” في مقدمة كتابه : أبي الذي أكره
“إنما نتحدث عن المرض الذي قد يصيب الأب فيصنع منه وحشًا كاسرًا، أو الأم فيصنع منها تجسيدًا للأذى؛ نتحدث عن أولئك الذين لم يستطيعوا أن يقدموا أبسط الاحتياجات؛ المحبة!”، ويقول أيضًا: “هي ليست دعوة لتمرد جمعي قدر كونها ربتة على نفوس تنزف دون أن يقف لها العالم لحظة ليقول لها: (لك الحق في الألم.. ووجعك حقيقي، وذلك هو الطريق للشفاء)”.
يتحدث الكاتب في كتابه أبي الذي أكره عما عرفه بـ”الزنزانة”، وعدد فيها أنواع الزنزانات، القسوة، والغياب، انعدام الثقة بالنفس بسبب تقليل الآباء مما يفعله الأبناء، أو تحول الأبناء إلى حالات “الدراما كوين” بسبب السخرية من مشاعرهم الطفولية، وهناك العائلة المتشددة التي تعامل الابنة على أنها العورة، فيحكي على لسان صاحبة القصة وهي تقول: “إن كل آلامي نبتت هناك حول الجن..س
وبعد عرض المشكلات بتفاصيلها يبدأ الحديث عن كيفية الشفاء من هذا أو التعافي من الآلام. ويكون التعافي في البداية بالبوح ورواية القصة، وثانيًا بالعبور من خلالها كمخرج مهم، فـ”الإساءات التي نحاول التعافي منها؛ لن تلتئم جراحها إلا بإعادة فتح ملفاتها كاملة وإعادة معايشة كامل مشاعرها”.
ومراحل التعافي من الإساءات متعددة:
المرحلة الأولى: الإنكار.
المرحلة الثانية: الغضب.
المرحلة الثالثة والرابعة: وضع الحدود واستعادة الذات.
مرحلة التجاوز: هي محطة انطلاق نحو رحلة جديدة، وتسمى (إعادة تأطير الإساءة).
ثم طقوس التخلي التي يجب أن نمارسها، “وهي تجهيز ليكون بمثابة صناعة نصب تذكاريّ لما حدث كنوع من رمزية الأسى والتجاوز”. ومن أهم الطقوس “ممارسة الامتنان” وهو طقس كما عرفه الكاتب: “أن تكتب كل يوم ثلاثة أشياء – على الأقل – تكون ممتنًا لها في يومك”. وأخيرًا يحدثنا عن بداية الشفاء، وأولى خطوات علاج الخزي، والبحث عن رفقاء التعافي، وأهمهم محبة الذات.
من كتاب أبي الذي أكره :
كانت أصواتهم تطل من وراء قضبان السجن، كل زنزانة لها ذائقة خاصة، لها بصمة الجُرم، ولكن في الحقيقة أنهم كانوا جميعًا أبرياء. وكان سجنهم (الجُرم الذي لم يرتكبوه)، ولكنهم تشربوه، فصار يقيدهم ويمنعهم من تحقيق ذواتهم.
لم يكونوا يدركون أن أبواب الزنازين مفتوحة، وأن بإمكانهم الفرار، فقد أَلَفوا هذه الزنازين فلم يتصوروا يومًا أن بالإمكان الهرب، وأن لكل منهم حياة رحبة خارج زنزانته.
كيف وقد صنع الزنزانةَ أحباؤهم؟!؛ آباء وأمهات، أو أعمام وخالات، أو معلمون ومشايخ وقساوسة ورموز مجتمعية، صنعوا الزنازين باسم الحب أو المصلحة.
حتى قرر أحدهم يومًا أن يتجرأ ويدفع الباب قليلًا لينفرج، ويدخل بصيص من نور التعافي، ثم تجاسر أكثر وخرج للممر هناك حيث زنازين الألم، ثم غامرأكثر وصاح في المحبوسين أن هناك نورًا خارج الأقفاص، وأن الحياة خارج السجن ممكنة ومكفولة وليست محرَّمة عليهم كما يظنون!
وحينها فُتحت الأبواب ببطء، وخرج الحبيسون، ليلتقوا هناك في الطريق إلى الطريق، في رحلة الهروب خارج السجن.. السجن الناعم!
وفي ذلك الممر نقشوا حكاياهم مع التعافي وكتبوا قصص تشافيهم على الجدران، وأعلنوا كيفية الهرب لكل من ألقته أقداره يومًا في سجن كهذا.
ومن تلك النقوش كان هذا الكتاب.
ويختم “عماد رشاد عثمان” كتابه “أبي الذي أكره” بعد رحلته الطويلة مع الإساءات والخزي والتعافي بالخلاصة، وهي رسالة إلى الحبيسين في أنفسهم، يجب أن تحبوا أنفسكم أولًا؛ فالكتاب رسالة قوية من الممكن أن نعطي له عنوانًا آخر وهو حب الذات، أو حب نفسك، فأن تحب نفسك أولًا هو الحل لجميع مشكلاتك تجاه الحياة.
قراءه ممتعه مع كتاب أبي الذي أكره .