لا يمكن وضع تاريخ دقيق لظهور كرة القدم في العالم، أو تحديد من هي الشعوب التي كانت أول من مارس هذه اللعبة التي تعد الآن أكثر من مجرد رياضة، بل أصبحت عالما خاصا تتداخل فيه الرياضة والاقتصاد والإعلام وغيرها، لكن مثل أي نشاط إنساني، مرت كرة القدم بمراحل كثيرة وانتقلت من طور بدائي مرورا بتغيرات كثيرة في القوانين والأنظمة لتكون على الشكل الذي يستأثر باهتمام البشرية الآن.
ونقلت مختلف المؤلفات والأبحاث والدراسات التي تناولت تاريخ كرة القدم، أن هذه اللعبة مارسها "الصينيون القدامى بكرة مصنوعة من الجلد ومحشوة، أما أوروبيو العصور الوسطى فكانوا يتنازعون كرة مملوءة بشعر أعراف الخيول، أما الكرة المطاطية المغطاة بطبقة من الجلد فقد ولدت في أواسط القرن الماضي، بفضل تشارلز غوديير وهو أميركي شمالي، وبفضل توسوليني، وبالبونسي وبولو وهم 3 أرجنتينيين.
وورد هذا التعريف بكرة القدم البدائية في مؤلف "كرة القدم بين الشمس والظل" للكاتب الأوروغواياني إدواردو غالياني (ترجمة صالح علماني)، لكن تلك الرياضة شهدت مراحل كثيرة وتواريخ مفصلية منذ ظهورها، وبرزت في شكلها الحديث في المملكة المتحدة.
الطلاق مع رياضة الرغبي
تنحدر كرة القدم في شكلها الحديث من اتفاق بين 12 ناديا إنجليزيا توصلت إليه في خريف عام 1863 في لندن، وجاء ذلك بعد قواعد أقرتها جامعة كامبردج في عام 1846 أقرت الطلاق النهائي بين رياضتي كرة القدم والرغبي، حيث تم منع حمل الكرة باليد مع أنه كان مسموحا لمسها، ومُنع كذلك توجيه الركلات للخصم، فركلات الأقدام يجب أن توجه للكرة فقط.
ولم يحدد اتفاق لندن عدد اللاعبين لكل فريق ولا أبعاد الملعب ولا ارتفاع المرمى ولا مدة المباراة، وكانت المباريات تستمر ساعتين أو 3 ساعات، وكان أبطالها يتبادلون الحديث ويدخنون حين تكون الكرة بعيدا، إلا أنه رغم ذلك كان التسلل معروفا، وكان من غير المقبول تسجيل أهداف من وراء ظهر الخصم.
ووفق ما ورد في كتاب "كرة القدم بين الشمس والظل"، ظهر الحكم في عام 1872 وكان اللاعبون حتى ذلك الحين هم حكام أنفسهم، وفي عام 1880 كان الحكم يحمل جهاز توقيت في يده ليقرر متى تنتهي المباراة، وفي عام 1891 تم الاعتماد لأول مرة على مخالفة ضربة الجزاء وذلك بعد أن خطا الحكم نحو 12 خطوة محددا نقطة توجيه الضربة ومسافتها عن مرمى الخصم.